الحوارات

من ذاكرة التأريخ: حوار “صحيفة حريات” مع الأستاذ/ عبد الواحد محمد أحمد النور رئيس ومؤسس حركة/ جيش تحرير السودان

توطئة:

هذا الحوار قد أجرته “صحيفة حريات” الإلكترونية مع الرفيق عبد الواحد محمد أحمد النور رئيس ومؤسس حركة/ جيش تحرير ، القائد الأعلي لقوات الحركة في يوم 16 أبريل 2011م ، وتم نشره في عددها الأول.

مضابط الحوار:

السيرة الذاتية؟

أنا عبد الواحد محمد أحمد النور عبد اللطيف، مولود في مدينة زالنجي نهاية ديسمبر 1968م درست مراحلي التعليمية في زالنجي الابتدائية والمتوسطة بمدرسة زالنجي المتوسطة الجنوبية، ثم انتقلت في المرحلة الثانوية لزالنجي الثانوية التي درست بها حتى الفصل الاول ثم دارفور الثانوية التي اكملت بها الصف الثاني والثالت ثانوي وجلست لامتحانات الشهادة الثانوية من مدني الثانوية والتي منها دخلت الى جامعة الخرطوم كلية القانون في عام 1990 وتخرجت منها عام 1995م.

عام 1996م اشتغلت بمهنة المحاماة لفترة، وفي عام 2001م اسسنا الجناح العسكري للحركة التي تأسست كحركة سياسية منذ عام 1992م.

في 7 يوليو 2002م كان تاريخ أول عملية عسكرية للحركة بمدينة قولو عاصمة جبل مرة، بعد العملية العسكرية أعتقلتُ ومكثت بالمعتقل حوالي شهرين وأطلق سراحي بعد عملية جريئة للأخوان بالحركة بمنطقة طور.
وكان الإعتقال في شهر يوليو 2002م وأطلق سراحي في سبتمبر ، وبعد ذلك دخلت لمنطقة جبل مرة ومنذ ذلك الوقت وانا في الغابة – ضاحكاً.

متى دخلتم جبل مرة ؟

جبل مرة منطقتي، واسست الجناح العسكري مع الرفاق: مني ، والأخ صلاح وقدورة وهو موجود الآن ، وعبد الكبير، وسلكويا، والاخ عبده حران وهو من كبار مؤسسي الحركة، والعم أبو جمال الذي يعود له الفضل المعلى ، وأيضاً محمد محمود ، والسلاطين والمشايخ في المنطقة ، وآخرين كثيرون لايتسع المجال لذكرهم ، كان لهم فضل وضع اللبنات الاولى للجناح العسكري للحركة في 2001م.

ماهي أهم وأبرز المعالم في تطور الحركة؟

طبعاً كثير من الناس يؤرخون للحركة من تاريخ هجومنا على مدينة الفاشر في 2003م، وهذا غير صحيح ، لأننا إستولينا على قولو عاصمة جبل مرة في يوليو 2002م، إذن العمل العسكري الجاد لحركة جيش تحرير السودان لم يبدأ من تاريخ الهجوم على الفاشر ، ولكن ربما لأن الهجوم على الفاشر كان أكبر حدث لحركة مسلحة لذا رسخ في اذهان الناس.
وقبل هذا التاريخ كنا نعمل في ظل تعتيم اعلامي ، ولم نكن نملك أجهزة اعلام في ظل سيطرة كاملة لأجهزة الدولة الإعلامية مما يجعل وصول اخبارنا لشعبنا صعبة ان لم تكن مستحيلة، وكانوا يصورونا كقطاع طرق وهمباتة وحرامية، أو في أفضل الأحوال التقليل من دور الحركة بتصوير ما يحدث كمشكلة قبلية بسيطة كما كانت تردد آلة الإعلام الحكومية.
ولكن بعد ضربة كتم وضربة وادى صالح وضربة غرب زالنجي والضربات المتلاحقة للحركة على قوات النظام، وبعد ضربة الفاشر تحديداً التي كان لها صداها العالمي أرغمناهم على الإعتراف بنا كحركة مسلحة لها مطالبها وقضيتها.

هل يمكنكم القول بأن قولو تعتبر المعلم الأول، وبأن الفاشر تعد المعلم الثاني للحركة؟

نعم، قولو وطور تعدان معلمان هامان جداً.

هل يمكن القول بأن أبوجا تعد معلماً ايضاً؟

أبوجا عبارة عن مفاوضات ، قبلها كانت اتفاقية ابشي الاولى والتي قادها المناضل الراحل القائد العام السابق لجيش حركة تحريرالسودان عبد الله ابكر وهذه قصة طويلة اخرى.
ولكن كما تعلم بأن حركة جيش تحرير السودان مثلها مثل اي حركة تحرر اخرى اكتسبت نضوجها بالتجارب والمحن والتضحيات العديدة. فبعد ضربة الفاشر اصبحت الحركة وجهة للاعلام الداخلي والخارجي.
والنضال كما تعلمون رحلة طويلة بقدر ما فيه من انتصارات فيه انهزامات، وبقدر ما فيه من فرح فيه مرارات.
بعد ان ضربنا الفاشر وكان ذلك متزامناً مع مفاوضات نيفاشا صورنا العالم الغربي كمخربين وتعرضنا لضغوط هائلة .. ابشي 1، وابشي 2 وانجمينا 1 وانجمينا 2 وسبعة جولات في ابوجا.
ولكي أكون صريحاً معكم نحن في حركة تحرير السودان مررنا بفترتين، الأولى فترة التعبئة السياسية وهذه الفترة التي اسسنا فيها الحركة 1992م وكنا وقتها طلاباً في جامعة الخرطوم. والثانية هي فترة التعبئة العسكرية لذا تلاحظ انه لا توجد انشقاقات وسطنا في الجناح السياسي بينما تجد ذلك في الجناح العسكري لأن التركيز تم عليه بينما الجناح السياسي يعمل في توافق تام.
اقول ان التناغم والانسجام الذي عاشه ويعيشه الجناح السياسي للحركة لم يحظى به الجناح العسكري مما ادى لإنشقاقات سابقة وذلك لعدة اسباب . فبالإضافة الى قلة الخبرة فان التركيز الاعلامي السياسي الدولي على قادة الحركة من العسكريين ، بعد ضربة الفاشر ادى الى نتائج سلبية وقتها .ويلاحظ ان اي حركة عسكرية لكي تنجح يجب ان يتوفر لها دعم عسكري لوجستي من دولة مجاورة تنطلق منها في الكر وترجع اليها في الفر كما في كل معارك العالم ، ولكننا انطلقنا من جبل مره ، من وسط شعبنا حيث لا دولة مجاورة لا ليبيا ولا تشاد ولا غيرها. الذي اريد قوله اننا كنا وما زلنا نعتبر شعبنا هو مصدر القوة والداعم الرئيسي لنا فهو منا ونحن منه. وبالرغم من اننا نستمد قوتنا من شعبنا ووقوفنا مع قضاياه العادلة فان البعض قد نسوا ذلك وقتها فحدث ماحدث.
وبعد كل الإتفاقيات التي حدثت ثبت فعلياً بأن القوة الرئيسية ليست في الأشخاص وانما في الإنحياز الدائم للجماهير وقضاياها. فأنت مهما سُلطت عليك الاضواء في قاعات المفاوضات والاجتماعات العديدة والاتفاقيات الكثيرة اذا لم تكن تعبر حقيقة عن قضايا شعبك فستكون (نمراً من ورق) ليس إلا.
وللأسف فإن الكثير من القيادات السياسية يعتبرون التنظيم السياسي وسيلة للتكسب والتوظيف والمناصب والحياة الرغدة بينما نحن في حركة تحرير السودان نردد دائماً بأن تنظيمنا ما هو الا وسيلة لخدمة شعبنا وليس للوصول للمناصب والامتيازات، ونؤكد دائماً بأننا مع شعبنا كافة وضد تقسيمات (نحن وهم) جلابة وغير جلابة – عرب وزرقة – مسلمين ومسيحين – غرابة واولاد بحر. والحركة بطبيعتها القومية تضم كافة الوان الطيف السوداني فهي تضم كافة القوميات والاعراق والاديان (عندنا ناس من شمال السودان وعندنا ناس من الجنوب وجبال النوبة والشرق ومن كردفان ومن دارفور مثلي وعندنا ناس من الوسط ومن الخرطوم) وايضاً تضم حركتنا بجانب الاعراق المختلفة مسلمين ومسيحيين وحتى معتنقي الكجور، كما ان للمرأة دورها فمن بين مؤسسي الحركة هناك ثلاثة من النساء.
نحن مع قضايا السودان والسودانين بغض النظر عن اشكالهم واعراقهم واجناسهم ولن نبيع قضايا الشعب السوداني العادلة بحفنة مناصب ومكاسب شخصية.
وقد تعرضت حركتنا لظلم كبير فلم يجتهد الكثيرون وحتى المثقفين منهم في البحث في أدبيات حركة تحرير السودان ، ويختزلوننا ويضعوننا في (كورنر) بتسميتنا حركات دارفور بينما نحن كما رددت وأردد دوماً حركة قومية لكل السودانين ويعبر اسم الحركة نفسه عن ذلك ، الا انهم ما زالوا يصرون على وضعنا في إطار جغرافي معين، ويصنفوننا بمناطقنا ، وهذه سلفية سياسية سودانية لا زالت تمارس للأسف الشديد.
ويفكر البعض كما تفكر السلطة في الخرطوم ، بأن المشكلة ستنتهي بمجرد وضعك في وظيفة بالقصر الجمهوي في الخرطوم ! ولو كان هذا همنا لكنا قد حصلنا عليه منذ فترة طويلة ، ولكننا نريد ان نغير كل السودان ونخلق دولة المواطنة لا دولة المكاسب والوظائف والرشاوى السياسية.
هذه مناسبة أكرر فيها اننا سنظل نعمل لتغيير الواقع المذري في السودان سلماً أو حرباً ، ولا توجد قوة في الارض سترغمنا على الاستسلام، لقد عانينا بما فيه الكفاية ، وسنظل على عهدنا لتغيير كل السودان تغييراً شاملاً دون هيمنة لقومية على اخرى ولا لشخص على آخر.

وأنا انتهز هذه الفرصة لأقول أننا كنا دائماً مع السودان الموحد المتساوي في الحقوق والواجبات ، ولكن بما ان الجنوبيين قد اختاروا الانفصال فاننا لا نملك الا ان نحترم خيارهم ونهنئهم بدولهتم الجديدة التي نتمنى لها التقدم والإستقرار . كما اتمنى استقرار العلاقة مستقبلاً بين الجنوب والشمال الديمقراطي بما يضمن مصلحة البلدين والشعبين الشقيقين في الشمال والجنوب
وانفصال الجنوب ما هو الا تعبير حقيقي عن سياسات المركز الطاردة لأهل السودان البلد الفريد الغني بإنسانه المتعدد والمتنوع، وسيظل السودانيون في الجنوب والشمال والشرق والغرب شعباً واحداً وما الانفصال إلا إنفصالاً جغرافياً ، فما يجمع الجنوبيين وبقية أهل السودان أكبر مما يفرقهم، وكما قلت وأقول ان انفصال الجنوب شاهد على كراهية السلطة الحاكمة في الخرطوم لبقية أهل السودان في الشمال والشرق والغرب.
وأعود لمسألة الانشقاقات في الحركة ، وهي ليست بدعة ، ولا تخرج عن الحالة السياسية السودانية العامة ، قديماً وحديثاً , فمنذ مؤتمر الخريجين بدأت الانشقاقات الى حركة اتحادية وحركة استقلالية ، ثم في حزب الأمة بين الإمام الهادي والصادق المهدي ، ولاحقاً بين (جماعة الإنقاذ) نفسها ، وهذه حدثت بينها عدة انشقاقات، الترابي الذي كان عُرّاب النظام انشق قديماً من حركة الإخوان المسلمين ثم بعد إنقلاب الإنقاذ حدث انشقاق آخر بين الترابي والبشير إلى ما نراه اليوم من مؤتمر شعبي ووطني.إذن الذي يجري في دارفور ووجود عدة حركات ليس بأمر غريب اذا نظرت لتاريخ السياسة السودانية قديماً وحديثاً.

حدثنا عن ما أعلنتوه باسم البداية الجديدة؟

بعد انفصال الجنوب بفعل سياسات الانقاذ الطاردة أصبح السؤال المطروح امامنا كيف يتوحد بقية السودان؟ لأن المتبقي عبارة عن حقل ألغام سواء في دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق أو الشرق وغيرها، اضافة الى ما نسميه بضحايا الإبادة الحكومية من النظام كالمفصولين من الصالح العام والمعاشيين الذين أنهوا خدماتهم بدون أسس قانونية، وهذه حقيقة عملية إبادة ، أنظر إلى كم الأُسر التي عانت بفعل ذلك ، مثلما عانت الأسر من تطهير عرقي في دارفور ، وتطهير ديني في جنوب السودان ،وتطهير في جبال النوبة والنيل الأزرق.
ولذا نرى في حركة تحرير السودان للمحافظة على بقية السودان لابد من توحد كل قوى التغيير والشعب السوداني عامة ضد الأقلية الحاكمة في الخرطوم ومن هنا جاءت البداية الجديدة.
هناك قوى داخلية وخارجية تريد منا أن نوقع على إتفاق (سريع سريع) ونصبح ديكوراً للسلطة الحاكمة وجزءاً منها، ويختزلون المشكلة في توزيع المناصب بأن يصبح مثلاً عبد الواحد كبير مساعدي البشير في القصر أو نائب رئيس الجمهورية وهكذا ، دون النظر للملايين الذي شردوا وأُحيلوا للصالح العام وقضاياهم ، ودون النظر للتنمية المختلة في البلاد ، وعدم العدالة في توزيع الفرص والثروات ، ودون النظر للجرائم الكبيرة التي ارتكبتها السلطة الحاكمة وما زالت ترتكبها في دارفور.
ولكن مشكلة السودان أكبر من المناصب. وقدم الكثيرون التضحيات من أجل أن ينعم البلد بالعدالة والسلام ، لذا فاننا لن نخون شعبنا وقضاياه ولن نقبل بأن يكون ثمن هذه التضحيات الكبيرة وظائف ومناصب.
ويمر السودان بظروف عصيبة ومظالم كبيرة تتطلب تضحيات أكبر ، انظر كيف يتم الاستحواذ على اراضي المواطنين في النيل الابيض من اجل مصنع لنافع أو لغيره من جماعة المؤتمر الوطني .. لا لن نكون جزءاً من هذا ولن نشترك في هذه الجرائم ولن نخون شعبنا بمنصب نائب الرئيس او غيره.

مقاطعة… هل عرض عليك منصب نائب الرئيس؟

ضحك .. عرض كثيراً ، وواصل .. نحن في البداية الجديدة أطلقنا نداءًا لتوحيد كل القوى السياسية والشعبية في السودان لأجل اسقاط حكومة المؤتمر الوطني المغتصبة وتشكيل حكومة ديمقراطية يشترك فيها كل اهل السودان بطريقة ديمقراطية حرة ونزيهة.
ونحن مع دولة المواطنة المتساوية التي لا يمكن تحقيقها بوجود المؤتمر الوطني في السلطة ، لذا نطلق نداء لكل اهل السودان أفراداً وجماعات للإشتراك معنا في البداية الجديدة.

حدثنا أكثر عن البداية الجديدة ؟

لقد مُورست علينا في حركة تحرير السودان ضغوطا كثيفة ، ولكن لاننا نعتقد بأن الانسان بلا مبادئ يساوي صفراً ، لم نرضخ ، وظللنا نتمسك برؤيتنا من أجل سودان ديمقراطي حر . ومن أجل المقاومة والحفاظ على مبدئيتنا ورؤيتنا اضطررنا للتخندق على حركتنا وانفسنا .
وفي البداية الجديدة الآن ننفتح على كل الشعب السوداني ، وعلى كل من يؤمن بدولة المواطنة المتساوية والفصل الواضح للدين من الدولة.

ونوجه نداء لكل القوى السياسية بدرجات مختلفة من التعاون ، فمن لا يريد التوحد معنا ، يمكن ان نتحالف معه أو ننسق لاسقاط هذا النظام ومن أجل اقامة سودان حر ديمقراطي يعيش مواطنوه في سلام وتحت دولة القانون .
ويمكن ان يتخذ التنسيق شتى الطرق عسكرياً ، أو سياسياً ، أو شعبياً ، لذا فان أيادينا ممدودة لكل من يؤمن بدولة المواطنة لكي ننسق من اجل أهدافنا المشتركة.
وإوجه نداءًا عبر صحيفتكم (حريات) لكل المجموعات الديمقراطية في بلادنا وكل الشباب الديمقراطي وكل من يؤمن بالديمقراطية وحقوق الانسان بالاشتراك معنا بالطريقة التي يرونها مناسبة تنسيقاً أو تحالفاً أو اي طريقة تسقط المؤتمر الوطني وتقيم دولة العدالة.
وأيضا نرى في البداية الجديدة بوجوب خروج السودان من الحروب والصراعات وتسخير موارده المتعددة لخدمة كل الشعب السوداني.
وندعو الشعب للوقوف معنا والوقوف مع قضاياه من اجل احداث التغيير الذي اصبح قريباً ، وشعبنا هو شعب التضحيات والبطولات ، شعب اكتوبر وأبريل ، وهو قادر على إزالة المؤتمر الوطني.

هل يعني هذا ان المفاوضات غير مطروحة على الإطلاق؟

كما قلت فإن هدفنا هو التغيير الاستراتيجي وبناء دولة المواطنة.
ثم أي مفاوضات؟
هناك نوعان ، مفاوضات على الطريقة الإنقاذية وتهدف للإستيعاب بالوظائف والرشاوى ، وأؤكد لكم بأننا لن نذهب لمثل هذه اطلاقاً.
ومفاوضات اخرى تفضي إلى تغيير وإلى سلام ، ونحن مع هذه المفاوضات ، ومثل هذه المفاوضات لن تحدث مع المؤتمر الوطني الذي يختزل كل قضايا الشعب في الاغراءات بالمناصب والوظائف والامتيازات. عليه فإننا مع المفاوضات لكن التي تحقق التغيير والعدالة ومصالح شعبنا.

هل هي صدفة أن ينجح المؤتمر الوطني في تقسيم الناس في دارفور إلى عرب وزرقة؟

نحن لسنا ناس دارفور فقط، نحن ناس كل السودان ونحن اصلاً ضد عقلية تسمية (ناس دارفور) حركتنا قومية ولكل السودان.
المشكلة ليست في الحركة وإنما في العقلية الحاكمة وخطابها الإقصائي التقسيمي فهم الآن انفسهم يعانون من التقسيمات التي قسموا بها أهل السودان، والآن تسمع الصراع بين الشايقية والجعليين داخل المؤتمر الوطني، أليس كذلك؟ هذه هي وسيلتهم للسيطرة ( divide and conquer قسم لتسيطر (والآن هم يعانون مما ارتكبت أياديهم.

نقصد لماذا نجحوا، فبدلاً من أن تقاتلوهم اصبحتم تقاتلون مكوناً من مكونات دارفور؟

العقلية الحاكمة تستخدم اساليب كثيرة ، ففي دارفور لا يمكن توظيف الدين وحده كما فعلوا سابقاً باسم الجهاد في الجنوب ، في دارفور السكان مسلمون 100% ، لذا ركزوا فيها على توظيف العرق والقبيلة .
نحن كحركة لا نحارب ابداً من منطلق قبلي ونتحدى أي شخص يقول ان حركة تحرير السودان قاتلت من أجل القبلية، نحن نحارب سلطة الإنقاذ الغاشمة ، فإذا نجحت في استقطاب بعض الدارفورين في صفوفها لمحاربتنا فإننا لم نحارب ابداً من منطلق قبلي ولم نستهدف مطلقاً مجموعة أو شخص على أسس قبلية.
والآن بدأت القبائل العربية في دارفور تقف مع حركتنا لأنهم عرفوا بالتجارب اننا حركة تناضل من اجل السودان الحر بدون تصنفيات المؤتمر الوطني (عرب وزرقة )… إلخ.
وهذا لم يحدث صدفة ، وانما نتيجة نضالنا وصبرنا على رؤيتنا المبدئية.
إنني أفتخر بان حركة تحرير السودان فضحت مخططات المؤتمر الوطني واستطاعت هزيمتها وذلك بوحدة افرادها وتضامنهم.

المؤتمر الوطني يردد بأن الحركة محصورة في منطقة محددة والتحولات الإقليمية ضدها ولم تعد تهدد المركز، وليس لديها إمداد سلاح… إلخ، ماهو ردكم؟

اعتقد ان كل الناس حتى المحايدين يقولون بان حركة تحريرالسودان أكثر الحركات جماهيرية، فما هو الجيش ان لم يكن اصطاف الشعب حول الحركة، وماهي فائدة التسليح بدون جماهير، هل سينجح جيش بدون شعب ؟
الم تتابعوا أخبار المعارك الأخيرة؟ ألم تسمعوا بما تفعله بهم قواتنا بقيادة طرادة ؟

تلك أكاذيب المؤتمر الوطني ، حركتنا لها قوة عسكرية ضاربة، وقوة سياسية ضاربة ، وقوتها الجماهيرية كذلك ضاربة، كما لها قوة طرحها وبرنامجها ، ولن تؤثر فينا أكاذيب ودعايات المؤتمر الوطني المهزوم.
يجب على المؤتمرالوطني التسليم بضعفه وهزيمته والاستعداد للمغادرة.

كيف ترون طريقة مغادرة المؤتمر الوطني؟

بالقوة العسكرية والشعبية وبعشرات الطرق غير التقليدية ، وهذا حديث لم يأتي الوقت لشرحه – ضاحكاً –
هل توجد خطة محددة لذلك؟

نعم توجد خطة، ولا توجد حركة بدون خطة.

ما رأيكم في تقديم البشير للمحاكمة أمام المحكمة الجنائية، وهل أنتم مع أي صفقة في هذا الأمر؟

أولاً ، موضوع الجنائية موضوع قانوني بحت ، لا أنا ولا انت ولا حتى أوكامبو يستطيع إلغاءه أو منعه.

كمحامي اقول لك أن أي دولة فيها سيادة قانون مهمتها حماية الشعب وليس إبادته كما فعل المؤتمر الوطني، وما دام عجزت السلطة عن حماية الشعب ، وعن تقديم المجرمين للعدالة فإن هذه المهام تتحول إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي ، والسودان عضو في الأمم المتحدة ، وترتب هذه العضوية الإلتزام بالشرعية الدولية.
أنا نفسي لو أُتهمت من المحكمة الجنائية الدولية لما ترددت في المثول أمامها لأبريء ساحتي.
وما من أحد لديه حق برفض المثول أمام المحكمة ، وكل من ارتكب جريمة في حق الشعب ويرفض المثول يجب القبض عليه ة.
لذا أقولها لكم ونهائياً بأن مسألة البشير لم ولن تكون موضوع تفاوض ولن نقبل بذلك أبداً.
وأذكر انني قلت في عام 2003م ان كل من ارتكب جريمة في دارفور سيحاكم، واعتبرني الناس (مجنون) والآن اقولها، سيتم القبض على كل من ارتكب جريمة في دارفور وستتم محاكمته.

الحكومة تقوم بطرد المنظمات من دارفور، وقامت الأسبوع الماضي بطرد منظمة من جبل مرة، ماهو تعليقكم؟

مارس المؤتمر الوطني الإبادة في دارفور، وأصبح الناس اما نازحين واما لاجئين واما مشردين في دول الجوار، والآن ينفذون ما يسموه ب (الحل النهائي) ويعني طمس معالم الجريمة ، بتفكيك المعسكرات وتشريد النازحين.
لذلك قامت الحكومة بطرد المنظمات التي توفر الغذاء والدواء، والهدف تفريغ المعسكرات لطمس معالم الجريمة.
وهذه حملة إبادة جديدة ضد شعب دارفور، فهي تحرم الشعب هناك من الغذاء والدواء وتطرد المنظمات التي تقدم الخدمات والتي أتت لمساعدة الشعب هناك.
لذا نطالب المجتمع الدولي بالتدخل لحماية السكان المدنيين من حملات الإبادة المستمرة التي تقوم بها حكومة الإنقاذ.
وليس هناك محنة اكبر من الإبادة.
ولكن الشعوب القوية تخرج من رحم المعاناة.
هكذا كانت تجربة كل الشعوب التي تعرضت للمحن ، هتلر مارس نفس الشي مع اليهود ، ومع الفرنسيين ، والألمان أنفسهم ، وكل هذه الشعوب بنت الآن دولاً قوية.
وسيخرج الشعب في دارفور قوياً بعد أن تعرض لأكبر محنة وهي الإبادة.
ويجب محاكمة كل الفكر الذي قاد إلى الإبادة ، بألا نسمح بأي ايدولوجيا تدعو للتطرف والكراهية . بما في ذلك ايدلوجيا التطرف الإسلامي.
الكثيرون يقولون بأن مشكلة دارفور ليست مشكلة (دين) ونقول بأن اكبرمشكلة في دارفور هي الدين، السلطة اتت بدغدغة المشاعر الدينية والكذب بإسم الدين على اهل دارفور ونجحت سابقاً في ذلك قبل ان يكتشف كذبها، لذا لا بد ان نعمل على عدم استغلال المشاعر الدينية في الوصول للسلطة وهذا لن يتأتى الا عبر الدولة العلمانية الديمقراطية.
ونحن ننتهز هذه المناسبة لنقدم اعتذارنا الواضح لأهل الجنوب ولكل من تضرر من بعض اهل دارفور في اشتراكهم في الهوس (الجهادي) الانتهازي سابقاً واستغلالهم للبسطاء بإسم الدين ، ونطالب كل اهل السودان من الذين شاركوا في تلك المآسي بالإعتذار.

اضافة جديدة:
فيما يختص بالتنظيم لدينا حوار مع المنشقين عن حركتنا ووافق الغالبية على العودة وسنستمر مع البقية للعودة او التحالف او التنسيق .
اما بالنسبة للديمقراطيين والاحزاب والقوى السودانية الاخرى فنحن ندعوها لتشكيل حكومة ظل ضمن خيار ديمقراطي ، والعمل لتتحول إلى حكومة إنتقالية في الخرطوم ، توفر الأمن والاستقرار في كل السودان وتعمل بمباديء الديمقراطية، وتشيع الحريات وأولها حرية التعبير والتنظيم والإعتقاد والتحرك وغيرها من الحريات.

كلمة اخيرة؟

أناشد الديمقراطيين والمثقفين ، ومنهم من ليس لدينا معهم اتصال كأفراد أو جماعات ، وأقول لهم نحن ننتمي إليهم وهم ينتمون إلينا، وقد حدث اتصال قبل ذلك مع عدد كبير من الديمقراطيين وانضم الينا البعض ، ولمن لم نتصل بهم نقول لهم بإننا في الحركة ننتظرهم ونبحث عنهم، واعتقد بأنهم يبحثون عنا لنخلق دولة مساواة وعدالة .
وان الحركة مفتوحة لكل الشعب السوداني واي شخص يرى فينا قصوراً من حقه أن ينبهننا له، واي اضافة من الشعب السوداني هي اضافة حقيقية ومهمة.
ومعاً لاسقاط الإسلاميين الآيديولوجيين وبناء دولة المواطنة في السودان الشمالي.

أشكر جداً صحيفة (حريات) واعتقد ان الكثير يجمع بيننا.

#نقاوم_ولا_نساوم

مقالات ذات صلة

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
زر الذهاب إلى الأعلى
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x